انقطاع النفس النومي
تُظهِر الدراسة من خلال الاعتماد على لعبة فيديو محدّدة أنّ اضطراب نوم الريم (REM حركة العين السريعة) كنتيجة لانقطاع التنفس أثناء النوم يُضعِف الذاكرةَ المكانيّة عند الإنسان حتى وإن كانت بقيّة مراحل النوم سليمةً.
إنّ الذاكرة المكانيّة ضروريةٌ للقيام بالمهمات اليومية مثل تذكّر موقع مطعمك المفضل، أو تذكّر الطريق إلى المنزل، حتى و إن أردتَ اتّخاذ طريقٍ آخر غير الطريق الذي تسلكه عادةً.
هذا النمط من الذاكرة أكثر ما يتأثّر في مرض ألزهايمر، ولعل هذا هو السبب الجذري لحالة النسيان التي تدفع المصابين به إلى أن يتجوّلوا ضائعين.
وإنّ هذا البحث، الذي أشرف عليه الطبيب أندرو فارغا Andrew Varga، الطبيب المعالج في مركز اضطرابات النوم في جامعة نيويورك، مبنيٌّ على دراسات سابقة أُجرِيَت على القوارض وأكّدت على أنّ الحرمان من نوم الريم يؤدي الى تأثيرات مضرّة بالذاكرة.
ولكن هذه هي الدراسة الأولى التي توضّح أهمّيّة نوم الريم في سلامة الذاكرة المكانية عند الإنسان، والتي وثّقت الآثار السلبية لتوقف التنفس أثناء النوم على الذاكرة المكانيّة.
“لقد وضّحنا للمرّة الأولى أنّ انقطاع التنفس أثناء النوم، وهو حالة مرضية تزداد شيوعاً، قد يملك آثاراً سلبيّة على تشكيل ذكرياتٍ معينة حتى لو اقتصر انقطاع التنفّس أثناء النوم على نوم الـريم REM. كما أنّ النّتائج التي توصّلنا إليها اقترحت أنّ فقدان الذاكرة قد يكون عَرَضاً إِضافياً ليتمّ استقصاؤه من قبل الأطباء لدى المرضى الذين يعانون من انقطاع التنفس أثناء النوم.”
ورغم أن انقطاع التنفّس أثناء النوم قد يحدث أثناء أيّ مرحلةٍ من النوم إلا أنه أسوأ ما يكون خلال نوم الريم REM sleep بسبب نقص خاصية المقوّية العضليّة في الطرق التنفسية العلوية؛ الأمر الذي يحدث بشكل طبيعيّ خلال نوم الريم، كما يعاني بعض الأفراد من انقطاع التنفس خلال فترات الريم فقط.
يلقي هذا العمل الضوء على العواقب الإدراكية المهمّة لانقطاع التنفس أثناء النوم في الوقت الذي طغى فيه الاهتمام بالآثار القلبيّة الوعائيّة المترتّبة على تلك الحالة.
ولتحقيق هذا الهدف، تقييم الأضرار الإدراكيّة النّاجمة عن انقطاع التنفّس أثناء النوم خلال نوم الريم، فقد قام الدكتور فاغرا مع زملائه بطلب 18 متطوّعاً يعانون من انقطاع التنفّس أثناء النوم بشكلٍ حادّ، وكانوا قد تلقّوا العلاج بواسطة الاستخدام الليليّ لجهاز الضغط الهوائيّ الإيجابيّ المستمرCPAP.
قضى المرضى ليلتين بشكلٍ مختلف في مركز اضطرابات النّوم في جامعة نيويورك، حيث أمضوا وقتاً يلعبون ألعاب الفيديو قبل النوم وبعده.
وتمّ إجراء اختبار أوليّ على الخاضعين للعلاج باستخدام ألعاب الفيديو لتحديد الخط القاعديّ الذي ستتمّ المقارنة به فيما بعد، وذلك قبل تسجيل أي ملاحظة على أنماط نومهم.
استخدموا عصا التوجيه كي يتنقّلوا بين متاهتين مكانيّتين فريدتين من نوعهما، كل منهما ثلاثيّة الأبعاد تمّ تصميمها بواسطة الكمبيوتر.
وبعد ذلك الإجراء استخدم الخاضعون للعلاج في إحدى الليلتين جهاز الضّغط الهوائيّ الإيجابيّ المستمرّ CPAP كما يستخدمونه عادة خلال النوم، بخلاف الليلة الأخرى حيث تمّ تخفيض استخدامهم للجهاز (CPAP) أثناء نوبات الريم، ما يسمح لتوقف التنفّس أثناء النوم بالحدوث. لكن تمّ الإبقاء على جهاز التّنفس المساعد (CPAP) في بقيّة مراحل النّوم، غير مرحلة نوم الريم.
وبعد أن تمّ دعم النّوم بجهاز التنفّس المساعد طوال إحدى تلك الليلتين، فقد لاحظ الباحثون في اليوم التّالي تحسّناً بنسبة تتجاوز الـ 30 % عن الخط القاعديّ للمتطوِّعين فيما يتعلق بالزّمن الذي استغرقوه لإكمال المتاهة.
وفي المقابل، عندما تمّ التّشويش على نوم الريم بانقطاع التنفس أثناء النوم، لم يتوقّف الأمر عند عدم وجود تحسّن عن الخط القاعدي بل استغرق الخاضعون للعلاج وقتاً إضافياً بنسبة 4 % لإكمال اختبار المتاهة.
وبشكلٍ لا يقلّ أهمية عمّا سبق، فإنَّ المتطوّعين في هذه الدّراسة، والذين اختبروا توقّف التنفس أثناء النوم خلال نوم الرّيم، لم يعانوا من تأخّرٍ في ردّات الفعل عند إجراء اختبارٍ آخر مستقلّ لقياسِ درجة الانتباه، والذي يعرف باختبار اليقظة الحركيّ.
يقول الدكتور فاغرا بأن ذلك يدلّ على أنّ النعاس أو قلّة الانتباه لا يُعتَبران من الأسباب التي أدّت إلى انخفاض الذاكرة المكانية.
إن انقطاع التنفس أثناء النوم هو حالة شائعة تصيب 4 % من الأمريكيين، وما يقارب 25 % من الرّجال متوسطي العمر.
كما يعتقد بأن أحد أكثر آثاره ضرراً هي الانخفاضات المتكرّرة في مستويات أوكسجين الدم، إضافةً إلى فترات الاستيقاظ أو التّنبيه التي تعيق استمراريّة النّوم.
ويضيف الدكتور فاغرا بأنّ الدّراسات المستقبليّة ستهدف إلى تحديد نسبة مساهمة كل من الآليات السّابقة لانقطاع التّنفس أثناء النّوم في تأثيره على تعطيل الذاكرة المكانيّة.
جهاز الضغط الهوائي الايجابي المستمرCPAP:
قد يسبّب انخماص أو انسداد الطرق التنفسية انقطاع التنفس أثناء النوم، يقوم جهاز الضغط الهوائي الإيجابي المستمرّ بخلق ضغط إيجابي أعلى من الطبيعي ليحافظ على الطرق التنفسية مفتوحة أثناء النّوم خلال الشهيق والزفير.